بنت بلدى
شيء مختلف عن كل ما رأيتموه
في عالم النت
منتدى بنت بلدى
لا ندًعي الكمال بل نسعى إليه
ولا
ندًعي التميز والأفضلية على الغير
بل
يكفينا تميزنا بأعضائنا وأحبابنا
ودعمهم
المتواصل دائماً
منتدى بنت بلدى
فهو
منكم وإليكم
ويستمر بحبكم
ومشاركاتكم
ويكفينا رضاكم
وإستحسانكم

فنتمنى تسجيلكم بمنتدانا الغالى


بادارة ** ندى وريم **
بنت بلدى
شيء مختلف عن كل ما رأيتموه
في عالم النت
منتدى بنت بلدى
لا ندًعي الكمال بل نسعى إليه
ولا
ندًعي التميز والأفضلية على الغير
بل
يكفينا تميزنا بأعضائنا وأحبابنا
ودعمهم
المتواصل دائماً
منتدى بنت بلدى
فهو
منكم وإليكم
ويستمر بحبكم
ومشاركاتكم
ويكفينا رضاكم
وإستحسانكم

فنتمنى تسجيلكم بمنتدانا الغالى


بادارة ** ندى وريم **
بنت بلدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بنت بلدى


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاء
ملاحظة هامة: وجود اى رد سطحى يحذف يجب ان تقدرى كاتب الموضوع وليس تقدريه بكلمه شكرا او يسلمو .الخ

 

 باقى التفسير ل سورة يس

اذهب الى الأسفل 
5 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
RÂni Ďi Ânā
مراقبة الدردشة
مراقبة الدردشة
RÂni Ďi Ânā


انثى عدد المساهمات : 543
سمعتك فى منتدانا : : 0
تاريخ التسجيل : 10/03/2011
العمر : 25
الموقع : http://aghani.ahlamoontada.com/

بطاقة الشخصية
الورقة الشخصية الورقة الشخصية: 6

باقى التفسير ل سورة يس Empty
مُساهمةموضوع: باقى التفسير ل سورة يس   باقى التفسير ل سورة يس Emptyالخميس مارس 10, 2011 4:13 pm

- تفسيرسورة يس عدد آياتها 83 ( آية 31-54 )
وهي مكية

{ 31 - 32 } { أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ * وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ }

يقول تعالى: ألم ير هؤلاء ويعتبروا بمن قبلهم من القرون المكذبة، التي أهلكها الله تعالى وأوقع بها عقابها، وأن جميعهم قد باد وهلك، فلم يرجع إلى الدنيا، ولن يرجع إليها، وسيعيد اللّه الجميع خلقا جديدا، ويبعثهم بعد موتهم، ويحضرون بين يديه تعالى، ليحكم بينهم بحكمه العدل الذي لا يظلم مثقال ذرة { وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا }


{ 33 - 36 } { وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ * وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ * لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ * سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ }

أي: { وَآيَةٌ لَهُمُ } على البعث والنشور، والقيام بين يدي اللّه تعالى للجزاء على الأعمال، هذه { الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ } أنزل اللّه عليها المطر، فأحياها بعد موتها، { وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ } من جميع أصناف الزروع، ومن جميع أصناف النبات، التي تأكله أنعامهم، { وَجَعَلْنَا فِيهَا } أي: في تلك الأرض الميتة { جَنَّاتٍ } أي: بساتين، فيها أشجار كثيرة، وخصوصا النخيل والأعناب، اللذان هما أشرف الأشجار، { وَفَجَّرْنَا فِيهَا } أي: في الأرض { مِنَ الْعُيُونِ }

جعلنا في الأرض تلك الأشجار، والنخيل والأعناب، { لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ } قوتا وفاكهة، وأدْمًا ولذة، { و } الحال أن تلك الثمار { مَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ } [وليس لهم فيه صنع، ولا عمل، إن هو إلا صنعة أحكم الحاكمين، وخير الرازقين، وأيضا فلم تعمله أيديهم] بطبخ ولا غيره، بل أوجد اللّه هذه الثمار، غير محتاجة لطبخ ولا شيّ، تؤخذ من أشجارها، فتؤكل في الحال. { أَفَلَا يَشْكُرُونَ } من ساق لهم هذه النعم، وأسبغ عليهم من جوده وإحسانه، ما به تصلح أمور دينهم ودنياهم، أليس الذي أحيا الأرض بعد موتها، فأنبت فيها الزروع والأشجار، وأودع فيها لذيذ الثمار، وأظهر ذلك الجنى من تلك الغصون، وفجر الأرض اليابسة الميتة بالعيون، بقادر على أن يحيي الموتى؟ بل، إنه على كل شيء قدير.

{ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا } أي: الأصناف كلها، { مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ } فنوع فيها من الأصناف ما يعسر تعداده. { وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ } فنوعهم إلى ذكر وأنثى، وفاوت بين خلقهم وخُلُقِهمْ، وأوصافهم الظاهرة والباطنة. { وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ } من المخلوقات التي قد خلقت وغابت عن علمنا، والتي لم تخلق بعد، فسبحانه وتعالى أن يكون له شريك، أو ظهير، أو عوين، أو وزير، أو صاحبة، أو ولد، أو سَمِيٌّ، أو شبيه، أو مثيل في صفات كماله ونعوت جلاله، أو يعجزه شيء يريده.


{ 37 - 40 } { وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ * وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }

أي: { وَآيَةٌ لَهُمُ } على نفوذ مشيئة اللّه، وكمال قدرته، وإحيائه الموتى بعد موتهم. { اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ } أي: نزيل الضياء العظيم الذي طبق الأرض، فنبدله بالظلمة، ونحلها محله { فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ } وكذلك نزيل هذه الظلمة، التي عمتهم وشملتهم، فتطلع الشمس، فتضيء الأقطار، وينتشر الخلق لمعاشهم ومصالحهم، ولهذا قال: { وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا } [أي: دائما تجري لمستقر لها] قدره اللّه لها، لا تتعداه، ولا تقصر عنه، وليس لها تصرف في نفسها، ولا استعصاء على قدرة اللّه تعالى. { ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ } الذي بعزته دبر هذه المخلوقات العظيمة، بأكمل تدبير، وأحسن نظام. { الْعَلِيمُ } الذي بعلمه، جعلها مصالح لعباده، ومنافع في دينهم ودنياهم.

{ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ } ينزل بها، كل ليلة ينزل منها واحدة، { حَتَّى } يصغر جدا، فيعود { كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ } أي: عرجون النخلة، الذي من قدمه نش وصغر حجمه وانحنى، ثم بعد ذلك، ما زال يزيد شيئا فشيئا، حتى يتم [نوره] ويتسق ضياؤه.

{ وَكُلٌّ } من الشمس والقمر، والليل والنهار، قدره [اللّه] تقديرا لا يتعداه، وكل له سلطان ووقت، إذا وجد عدم الآخر، ولهذا قال: { لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ } أي: في سلطانه الذي هو الليل، فلا يمكن أن توجد الشمس في الليل، { وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ } فيدخل عليه قبل انقضاء سلطانه، { وَكُلٌّ } من الشمس والقمر والنجوم { فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } أي: يترددون على الدوام، فكل هذا دليل ظاهر، وبرهان باهر، على عظمة الخالق، وعظمة أوصافه، خصوصا وصف القدرة والحكمة والعلم في هذا الموضع.

{ 41 - 50 } { وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ * وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ * إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ * فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ }

أي: ودليل لهم وبرهان، على أن اللّه وحده المعبود، لأنه المنعم بالنعم، الصارف للنقم، الذي من جملة نعمه { أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ } قال كثير من المفسرين: المراد بذلك: آباؤهم.

{ وَخَلَقْنَا لَهُمْ } أي: للموجودين من بعدهم { مِنْ مِثْلِهِ } أي: من مثل ذلك الفلك، أي: جنسه { مَا يَرْكَبُونَ } به، فذكر نعمته على الآباء بحملهم في السفن، لأن النعمة عليهم، نعمة على الذرية. وهذا الموضع من أشكل المواضع عليَّ في التفسير، فإن ما ذكره كثير من المفسرين، من أن المراد بالذرية الآباء، مما لا يعهد في القرآن إطلاق الذرية على الآباء، بل فيها من الإيهام، وإخراج الكلام عن موضوعه، ما يأباه كلام رب العالمين، وإرادته البيان والتوضيح لعباده.

وثَمَّ احتمال أحسن من هذا، وهو أن المراد بالذرية الجنس، وأنهم هم بأنفسهم، لأنهم هم من ذرية [بني] آدم، ولكن ينقض هذا المعنى قوله: { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ } إن أريد: وخلقنا من مثل ذلك الفلك، أي: لهؤلاء المخاطبين، ما يركبون من أنواع الفلك، فيكون ذلك تكريرا للمعنى، تأباه فصاحة القرآن. فإن أريد بقوله: { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ } الإبل، التي هي سفن البر، استقام المعنى واتضح، إلا أنه يبقى أيضا، أن يكون الكلام فيه تشويش، فإنه لو أريد هذا المعنى، لقال: وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَاهم فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُون،ِ وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ ، فأما أن يقول في الأول: وحملنا ذريتهم، وفي الثاني: حملناهم، فإنه لا يظهر المعنى، إلا أن يقال: الضمير عائد إلى الذرية، واللّه أعلم بحقيقة الحال.

فلما وصلت في الكتابة إلى هذا الموضع، ظهر لي معنى ليس ببعيد من مراد اللّه تعالى، وذلك أن من عرف جلالة كتاب اللّه وبيانه التام من كل وجه، للأمور الحاضرة والماضية والمستقبلة، وأنه يذكر من كل معنى أعلاه وأكمل ما يكون من أحواله، وكانت الفلك من آياته تعالى ونعمه على عباده، من حين أنعم عليهم بتعلمها إلى يوم القيامة، ولم تزل موجودة في كل زمان، إلى زمان المواجهين بالقرآن.

فلما خاطبهم اللّه تعالى بالقرآن، وذكر حالة الفلك، وعلم تعالى أنه سيكون أعظم آيات الفلك في غير وقتهم، وفي غير زمانهم، حين يعلمهم [صنعة] الفلك [البحرية] الشراعية منها والنارية، والجوية السابحة في الجو، كالطيور ونحوها، [والمراكب البرية] مما كانت الآية العظمى فيه لم توجد إلا في الذرية، نبَّه في الكتاب على أعلى نوع من أنواع آياتها فقال:

{ وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ } أي: المملوء ركبانا وأمتعة. فحملهم اللّه تعالى، ونجاهم بالأسباب التي علمهم اللّه بها، من الغرق، و[لهذا] نبههم على نعمته عليهم حيث أنجاهم مع قدرته على ذلك، فقال: { وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ } أي: لا أحد يصرخ لهم فيعاونهم على الشدة، ولا يزيل عنهم المشقة، { وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ } مما هم فيه { إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ } حيث لم نغرقهم، لطفا بهم، وتمتيعا لهم إلى حين، لعلهم يرجعون، أو يستدركون ما فرط منهم.

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ } أي: من أحوال البرزخ والقيامة، وما في الدنيا من العقوبات { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } أعرضوا عن ذلك، فلم يرفعوا به رأسا، ولو جاءتهم كل آية، ولهذا قال: { وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ } وفي إضافة الآيات إلى ربهم، دليل على كمالها ووضوحها، لأنه ما أبين من آية من آيات اللّه، ولا أعظم بيانا.

وإن من جملة تربية اللّه لعباده، أن أوصل إليهم الآيات التي يستدلون بها على ما ينفعهم، في دينهم ودنياهم.

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ } أي: من الرزق الذي منَّ به اللّه عليكم، ولو شاء لسلبكم إياه، { قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا } معارضين للحق، محتجين بالمشيئة: { أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ } أيها المؤمنون { إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } حيث تأمروننا بذلك.

وهذا مما يدل على جهلهم العظيم، أو تجاهلهم الوخيم، فإن المشيئة، ليست حجة لعاص أبدا، فإنه وإن كان ما شاء اللّه كان، وما لم يشأ لم يكن، فإنه تعالى مكَّن العباد، وأعطاهم من القوة ما يقدرون على فعل الأمر واجتناب النهي، فإذا تركوا ما أمروا به، كان ذلك اختيارا منهم، لا جبرا لهم ولا قهرا.

{ وَيَقُولُونَ } على وجه التكذيب والاستعجال: { مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } قال اللّه تعالى: لا يستبعدوا ذلك، فإنه [عن] قريب { مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً } وهي نفخة الصور { تَأْخُذُهُمْ } أي: تصيبهم { وَهُمْ يَخِصِّمُونَ } أي: وهم لا هون عنها، لم تخطر على قلوبهم في حال خصومتهم، وتشاجرهم بينهم، الذي لا يوجد في الغالب إلا وقت الغفلة.

وإذا أخذتهم وقت غفلتهم، فإنهم لا ينظرون ولا يمهلون { فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً } أي: لا قليلة ولا كثيرة { وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ }


{ 51 - 54 } { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ * إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ * فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }

النفخة الأولى، هي نفخة الفزع والموت، وهذه نفخة البعث والنشور، فإذا نفخ في الصور، خرجوا من الأجداث والقبور، ينسلون إلى ربهم، أي: يسرعون للحضور بين يديه، لا يتمكنون من التأنِّي والتأخر، وفي تلك الحال، يحزن المكذبون، ويظهرون الحسرة والندم، ويقولون: { يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا } أي: من رقدتنا في القبور، لأنه ورد في بعض الأحاديث، أن لأهل القبور رقدة قبيل النفخ في الصور، فيجابون، فيقال [لهم:] { هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ } أي: هذا الذي وعدكم اللّه به، ووعدتكم به الرسل، فظهر صدقهم رَأْيَ عين.

ولا تحسب أن ذكر الرحمن في هذا الموضع، لمجرد الخبر عن وعده، وإنما ذلك للإخبار بأنه في ذلك اليوم العظيم، سيرون من رحمته ما لا يخطر على الظنون، ولا حسب به الحاسبون، كقوله: { الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ } { وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ } ونحو ذلك، مما يذكر اسمه الرحمن، في هذا.

{ إِنْ كَانَتْ } البعثة من القبور { إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً } ينفخ فيها إسرافيل في الصور، فتحيا الأجساد، { فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ } الأولون والآخرون، والإنس والجن، ليحاسبوا على أعمالهم.

{ فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا } لا ينقص من حسناتها، ولا يزاد في سيئاتها، { وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } من خير أو شر، فمن وجد خيرا فليحمد اللّه على ذلك، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه. { 55 - 58 } { إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ * لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ * سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ }

[لما ذكر تعالى] أن كل أحد لا يجازى إلا ما عمله، ذكر جزاء الفريقين، فبدأ بجزاء أهل الجنة، وأخبر أنهم في ذلك اليوم { فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ } أي: في شغل مفكه للنفس، مُلِذِّ لها، من كل ما تهواه النفوس، وتلذه العيون، ويتمناه المتمنون.

ومن ذلك افتضاض العذارى الجميلات، كما قال: { هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ } من الحور العين، اللاتي قد جمعن حسن الوجوه والأبدان وحسن الأخلاق. { فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ } أي: على السرر المزينة باللباس المزخرف الحسن. { مُتَّكِئُونَ } عليها، اتكاء على كمال الراحة والطمأنينة واللذة.

{ لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ } كثيرة، من جميع أنواع الثمار اللذيذة، من عنب وتين ورمان، وغيرها، { وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ } أي: يطلبون، فمهما طلبوه وتمنوه أدركوه.

ولهم أيضا { سَلَامٌ } حاصل لهم { مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ } ففي هذا كلام الرب تعالى لأهل الجنة وسلامه عليهم، وأكده بقوله: { قَوْلًا } وإذا سلم عليهم الرب الرحيم، حصلت لهم السلامة التامة من جميع الوجوه، وحصلت لهم التحية، التي لا تحية أعلى منها، ولا نعيم مثلها، فما ظنك بتحية ملك الملوك، الرب العظيم، الرءوف الرحيم، لأهل دار كرامته، الذي أحل عليهم رضوانه، فلا يسخط عليهم أبدا، فلولا أن اللّه تعالى قدر أن لا يموتوا، أو تزول قلوبهم عن أماكنها من الفرح والبهجة والسرور، لحصل ذلك.

فنرجو ربنا أن لا يحرمنا ذلك النعيم، وأن يمتعنا بالنظر إلى وجهه الكريم.


{ 59 - 67 } { وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ * أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ * هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ * وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ }

لما ذكر تعالى جزاء المتقين، ذكر جزاء المجرمين { و } أنهم يقال لهم يوم القيامة { امْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ } أي: تميزوا عن المؤمنين، وكونوا على حدة، ليوبخهم ويقرعهم على رءوس الأشهاد قبل أن يدخلهم النار، فيقول لهم: { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ } أي: آمركم وأوصيكم، على ألسنة رسلي، [وأقول لكم:] { يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ } أي: لا تطيعوه؟ وهذا التوبيخ، يدخل فيه التوبيخ عن جميع أنواع الكفر والمعاصي، لأنها كلها طاعة للشيطان وعبادة له، { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ } فحذرتكم منه غاية التحذير، وأنذرتكم عن طاعته، وأخبرتكم بما يدعوكم إليه، { و } أمرتكم { أَنِ اعْبُدُونِي } بامتثال أوامري وترك زواجري، { هَذَا } أي: عبادتي وطاعتي، ومعصية الشيطان { صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ } فعلوم الصراط المستقيم وأعماله ترجع إلى هذين الأمرين، أي: فلم تحفظوا عهدي، ولم تعملوا بوصيتي، فواليتم عدوكم، فـ { أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا } أي: خلقا كثيرا.

{ أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ } أي: فلا كان لكم عقل يأمركم بموالاة ربكم ووليكم الحق، ويزجركم عن اتخاذ أعدى الأعداء لكم وليا، فلو كان لكم عقل صحيح لما فعلتم ذلك، فإذا أطعتم الشيطان، وعاديتم الرحمن، وكذبتم بلقائه، ووردتم القيامة دار الجزاء، وحق عليكم القول بالعذاب فـ { هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ } وتكذبون بها، فانظروا إليها عيانا، فهناك تنزعج منهم القلوب، وتزوغ الأبصار، ويحصل الفزع الأكبر.

ثم يكمل ذلك، بأن يؤمر بهم إلى النار، ويقال لهم: { اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } أي: ادخلوها على وجه تصلاكم، ويحيط بكم حرها، ويبلغ منكم كل مبلغ، بسبب كفركم بآيات اللّه، وتكذيبكم لرسل اللّه.

قال الله تعالى في بيان وصفهم الفظيع في دار الشقاء: { الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ } بأن نجعلهم خرسا فلا يتكلمون، فلا يقدرون على إنكار ما عملوه من الكفر والتكذيب. { وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } أي: تشهد عليهم أعضاؤهم بما عملوه، وينطقها الذي أنطق كل شيء.

{ وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ } بأن نُذْهِبَ أبصارهم، كما طمسنا على نطقهم. { فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ } أي: فبادروا إليه، لأنه الطريق إلى الوصول إلى الجنة، { فَأَنَّى يُبْصِرُونَ } وقد طمست أبصارهم.

{ وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ } أي: لأذهبنا حركتهم { فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا } إلى الأمام { وَلَا يَرْجِعُونَ } إلى ورائهم ليبعدوا عن النار. والمعنى: أن هؤلاء الكفار، حقت عليهم كلمة العذاب، ولم يكن بُدٌّ من عقابهم.

وفي ذلك الموطن، ما ثَمَّ إلا النار قد برزت، وليس لأحد نجاة إلا بالعبور على الصراط، وهذا لا يستطيعه إلا أهل الإيمان، الذين يمشون في نورهم، وأما هؤلاء، فليس لهم عند اللّه عهد في النجاة من النار؛ فإن شاء طمس أعينهم وأبقى حركتهم، فلم يهتدوا إلى الصراط لو استبقوا إليه وبادروه، وإن شاء أذهب حراكهم فلم يستطيعوا التقدم ولا التأخر. المقصود: أنهم لا يعبرونه، فلا تحصل لهم النجاة.


{ 68 } { وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ }

يقول تعالى: { وَمَنْ نُعَمِّرْهُ } من بني آدم { نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ } أي: يعود إلى الحالة التي ابتدأ حالة الضعف، ضعف العقل، وضعف القوة. { أَفَلَا يَعْقِلُونَ } أن الآدمي ناقص من كل وجه، فيتداركوا قوتهم وعقولهم، فيستعملونها في طاعة ربهم.


{ 69 - 70 } { وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ * لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ }

ينزه تعالى نبيه محمدا صلى اللّه عليه وسلم، عما رماه به المشركون، من أنه شاعر، وأن الذي جاء به شعر فقال: { وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ } أن يكون شاعرا، أي: هذا من جنس المحال أن يكون شاعرا، لأنه رشيد مهتد، والشعراء غاوون، يتبعهم الغاوون، ولأن اللّه تعالى حسم جميع الشبه التي يتعلق بها الضالون على رسوله، فحسم أن يكون يكتب أو يقرأ، وأخبر أنه ما علمه الشعر وما ينبغي له، { إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ } أي: ما هذا الذي جاء به إلا ذكر يتذكر به أولو الألباب، جميع المطالب الدينية، فهو مشتمل عليها أتم اشتمال، وهو يذكر العقول، ما ركز اللّه في فطرها من الأمر بكل حسن، والنهي عن كل قبيح.

{ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ } أي: مبين لما يطلب بيانه. ولهذا حذف المعمول، ليدل على أنه مبين لجميع الحق، بأدلته التفصيلية والإجمالية، والباطل وأدلة بطلانه، أنزله اللّه كذلك على رسوله.

{ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا } أي: حي القلب واعيه، فهو الذي يزكو على هذا القرآن، وهو الذي يزداد من العلم منه والعمل، ويكون القرآن لقلبه بمنزلة المطر للأرض الطيبة الزاكية. { وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ } لأنهم قامت عليهم به حجة اللّه، وانقطع احتجاجهم، فلم يبق لهم أدنى عذر وشبهة يُدْلُونَ بها.

{ 71 - 73 } { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ * وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ }

يأمر تعالى العباد بالنظر إلى ما سخر لهم من الأنعام وذللها، وجعلهم مالكين لها، مطاوعة لهم في كل أمر يريدونه منها، وأنه جعل لهم فيها منافع كثيرة من حملهم وحمل أثقالهم ومحاملهم وأمتعتهم من محل إلى محل، ومن أكلهم منها، وفيها دفء، ومن أوبارها وأشعارها وأصوافها أثاثا ومتاعا إلى حين، وفيها زينة وجمال، وغير ذلك من المنافع المشاهدة منها، { أَفَلَا يَشْكُرُونَ } اللّه تعالى الذي أنعم بهذه النعم، ويخلصون له العبادة ولا يتمتعون بها تمتعا خاليا من العبرة والفكرة.


{ 74 - 75 } { وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ * لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ }

هذا بيان لبطلان آلهة المشركين، التي اتخذوها مع اللّه تعالى، ورجوا نصرها وشفعها، فإنها في غاية العجز { لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ } ولا أنفسهم ينصرون، فإذا كانوا لا يستطيعون نصرهم، فكيف ينصرونهم؟ والنصر له شرطان: الاستطاعة [والقدرة] فإذا استطاع، يبقى: هل يريد نصرة من عبده أم لا؟ فَنَفْيُ الاستطاعة، ينفي الأمرين كليهما.

{ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ } أي: محضرون هم وهم في العذاب، ومتبرئ بعضهم من بعض، أفلا تبرأوا في الدنيا من عبادة هؤلاء، وأخلصوا العبادة للذي بيده الملك والنفع والضر، والعطاء والمنع، وهو الولي النصير؟


{ 76 } { فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ }

أي: فلا يحزنك يا أيها الرسول، قول المكذبين، والمراد بالقول: ما دل عليه السياق، كل قول يقدحون فيه في الرسول، أو فيما جاء به.

أي: فلا تشغل قلبك بالحزن عليهم { إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ }

فنجازيهم على حسب علمنا بهم، وإلا فقولهم لا يضرك شيئا.


{ 77 - 83 } { أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ * أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

هذه الآيات الكريمات، فيها [ذكر] شبهة منكري البعث، والجواب عنها بأتم جواب وأحسنه وأوضحه، فقال تعالى: { أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ } المنكر للبعث و الشاك فيه، أمرا يفيده اليقين التام بوقوعه، وهو ابتداء خلقه { مِنْ نُطْفَةٍ } ثم تنقله في الأطوار شيئا فشيئا، حتى كبر وشب، وتم عقله واستتب، { فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ } بعد أن كان ابتداء خلقه من نطفة، فلينظر التفاوت بين هاتين الحالتين، وليعلم أن الذي أنشأه من العدم، قادر على أن يعيده بعد ما تفرق وتمزق، من باب أولى.

{ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا } لا ينبغي لأحد أن يضربه، وهو قياس قدرة الخالق بقدرة المخلوق، وأن الأمر المستبعد على قدرة المخلوق مستبعد على قدرة الخالق. فسر هذا المثل [بقوله]: { قَالَ } ذلك الإنسان { مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ } أي: هل أحد يحييها؟ استفهام إنكار، أي: لا أحد يحييها بعد ما بليت وتلاشت.

هذا وجه الشبهة والمثل، وهو أن هذا أمر في غاية البعد على ما يعهد من قدرة البشر، وهذا القول الذي صدر من هذا الإنسان غفلة منه، ونسيان لابتداء خلقه، فلو فطن لخلقه بعد أن لم يكن شيئا مذكورا فوجد عيانا، لم يضرب هذا المثل.

فأجاب تعالى عن هذا الاستبعاد بجواب شاف كاف، فقال: { قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ } وهذا بمجرد تصوره، يعلم به علما يقينا لا شبهة فيه، أن الذي أنشأها أول مرة قادر على الإعادة ثاني مرة، وهو أهون على القدرة إذا تصوره المتصور، { وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ }

هذا أيضا دليل ثان من صفات اللّه تعالى، وهو أن علمه تعالى محيط بجميع مخلوقاته في جميع أحوالها، في جميع الأوقات، ويعلم ما تنقص الأرض من أجساد الأموات وما يبقى، ويعلم الغيب والشهادة، فإذا أقر العبد بهذا العلم العظيم، علم أنه أعظم وأجل من إحياء اللّه الموتى من قبورهم.

ثم ذكر دليلا ثالثا { الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ } فإذا أخرج [النار] اليابسة من الشجر الأخضر، الذي هو في غاية الرطوبة، مع تضادهما وشدة تخالفهما، فإخراجه الموتى من قبورهم مثل ذلك.

ثم ذكر دليلا رابعا فقال: { أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ } على سعتهما وعظمهما { بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ } أي: [أن] يعيدهم [بأعيانهم]. { بَلَى } قادر على ذلك، فإن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس. { وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ } وهذا دليل خامس، فإنه تعالى الخلاق، الذي جميع المخلوقات، متقدمها ومتأخرها، صغيرها وكبيرها، كلها أثر من آثار خلقه وقدرته، وأنه لا يستعصي عليه مخلوق أراد خلقه.

فإعادته للأموات، فرد من أفراد [آثار] خلقه، ولهذا قال: { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا } نكرة في سياق الشرط، فتعم كل شيء. { أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } أي: في الحال من غير تمانع.

{ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ } وهذا دليل سادس، فإنه تعالى هو الملك المالك لكل شيء، الذي جميع ما سكن في العالم العلوي والسفلي ملك له، وعبيد مسخرون ومدبرون، يتصرف فيهم بأقداره الحكمية، وأحكامه الشرعية، وأحكامه الجزائية.

فإعادته إياهم بعد موتهم، لينفذ فيهم حكم الجزاء، من تمام ملكه، ولهذا قال: { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } من غير امتراء ولا شك، لتواتر البراهين القاطعة والأدلة الساطعة على ذلك. فتبارك الذي جعل في كلامه الهدى والشفاء والنور.

تم تفسير سورة يس، فللّه [تعالى] الحمد كما ينبغي لجلاله، وله الثناء كما يليق بكماله، وله المجد كما تستدعيه عظمته وكبرياؤه، وصلى اللّه على محمد وآله وسلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كدووشـ
بنوتة متميزة
بنوتة متميزة
كدووشـ


انثى عدد المساهمات : 295
سمعتك فى منتدانا : : 0
تاريخ التسجيل : 10/03/2011
العمر : 27

بطاقة الشخصية
الورقة الشخصية الورقة الشخصية: 6

باقى التفسير ل سورة يس Empty
مُساهمةموضوع: رد: باقى التفسير ل سورة يس   باقى التفسير ل سورة يس Emptyالسبت أبريل 09, 2011 8:25 am

شكرا علي تقسير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://watany.forumegypt.net/forum
صوت الحريه
مراقبة الدردشة
مراقبة الدردشة
صوت الحريه


انثى عدد المساهمات : 479
سمعتك فى منتدانا : : 3
تاريخ التسجيل : 30/03/2011

بطاقة الشخصية
الورقة الشخصية الورقة الشخصية: 6

باقى التفسير ل سورة يس Empty
مُساهمةموضوع: رد: باقى التفسير ل سورة يس   باقى التفسير ل سورة يس Emptyالإثنين أبريل 11, 2011 7:45 pm

باقى التفسير ل سورة يس Images?q=tbn:ANd9GcSxxk6cMo6GW8TZ_6deBuPiGxnbpPAI9Pxp76c6kshZL3dv8lcd
باقى التفسير ل سورة يس Images?q=tbn:ANd9GcSVFKmCad2isW66P3wMLh-HSZ510nQ_guxB2M-tasgo8Ulm1LBx

باقى التفسير ل سورة يس Images?q=tbn:ANd9GcRA8oWMNE492J3mBzGvp7eXS1IAnnrR0wJwpvUV2xp9zXGp5FuwQg
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بنت المنصورة
مشرفة عامة
مشرفة عامة
بنت المنصورة


انثى عدد المساهمات : 1006
سمعتك فى منتدانا : : 3
تاريخ التسجيل : 11/06/2011
العمر : 27
الموقع : فى بلدى مصر بلد عم زويل وسومة العندليب وناس كتير زى كدا

بطاقة الشخصية
الورقة الشخصية الورقة الشخصية: 6

باقى التفسير ل سورة يس Empty
مُساهمةموضوع: رد: باقى التفسير ل سورة يس   باقى التفسير ل سورة يس Emptyالسبت يونيو 11, 2011 10:59 am

شكرااااااااا على تفسير السورة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الاسلام
مشرفة قسم الشعر والديكور
مشرفة قسم الشعر والديكور
نور الاسلام


انثى عدد المساهمات : 384
سمعتك فى منتدانا : : 2
تاريخ التسجيل : 18/07/2011
العمر : 25

بطاقة الشخصية
الورقة الشخصية الورقة الشخصية: 6

باقى التفسير ل سورة يس Empty
مُساهمةموضوع: رد: باقى التفسير ل سورة يس   باقى التفسير ل سورة يس Emptyالثلاثاء يوليو 19, 2011 2:46 pm

شكرا على التفسير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
باقى التفسير ل سورة يس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة المســـــــــــــد
» تفسير سورة يس
» تفسير سورة الفاتحة
»  فوائد قراءة سورة القدر في رمضان
» فوائد قراءة سورة القدر في رمضان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
بنت بلدى :: المنتدى الاسلامى :: منتدى القران الكريم-
انتقل الى: